17 - 07 - 2024

مؤشرات| الإمارات والانسحاب من اليمن والطريق نحو السلام

مؤشرات| الإمارات والانسحاب من اليمن والطريق نحو السلام

حسنا فعلت الإمارات وبعد خمس سنوات من الحرب في اليمن والتي أطلقتها السعودية ضمن ما أطلق عليه "قوات التحالف" في 25 مارس 2015، باتخاذ قرار بالإنسحاب، أو تخفيض عدد قواتها في المناطق اليمنية، ومهما كان الأمر يبقى القرار مهم لإعادة ترتيب أوراقها وأولوياتها.

والمؤكد أن الدكتور أنور قرقاش، وزيرالدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، قال لصحيفة واشنطن بوست: "لقد حان الوقت لمضاعفة العمليةالسياسية"، كما كتب على تويتر: "التحالف العربي في اليمن وفي قلبه المملكة العربية السعودية الشقيقة ودولة الإمارات، صلب وقوي وعزز آلياته امتحان الأزمة والحرب... والتحالف يستعد للمرحلة المقبلة بأدواته السياسية والعسكرية وبإصرار على تحقيق أهدافه الإستراتيجية".

وزاد قرقاش قائلا "الحروب الحديثة معقدة وأفغانستان والعراق وسوريا أمثلة على ذلك"، مضيفا "أن التحالف العربي حقق مجموعة من أهدافه الاستراتيجية وعلى رأسها صد محاولات تغيير التوازنات في المنطقة وعودة الدولة وتحرير الأرض ويبقى أمامه مشروع الاستقرار السياسي واستدامته".

كل هذا وغيره يعني أن هناك متغير مهم حول الموقف من "حرب الجبال" في اليمن، والتي جاءت بنتائج صعبة على شعب اليمن وشعوب الدول الشريكة فيها واقتصادياتها، وحتما هذا وغيره هو الذي دفع الإمارات بالرغم من كونها أحد أهم القوات الضاربة في الحرب الدائرة باليمن، في خفض عدد جنودها حيث أقدمت على سحب آلاف من أفراد قواتها، وسط تقديرات تصل إلى 75% منها، الأمر الذي يعني الدخول في مرحلة جديدة لشكل الصراع في اليمن، وربما يكون للكلمة السياسية الدور الأهم.

المؤكد أن الإمارات ظلت إلى جانب السعودية وقوات التحالف في مواجهة المد الحوثي بدعم إيراني في اليمن، باعتباره الخطر الأكبر على اليمن وجوارها والمنطقة عامة، وعلى اعتبار أن الحوثيين هم أيادي إيران في اليمن والمنطقة لتحقيق أطماعها.

التفسير السياسي لقرار الإمارات، يصب في اتجاه فتح حوار سياسي وتفاوضي أوسع نطاقا لإنهاء الأزمة اليمنية، والتي ظل أهل اليمن وشعبه هم الضحية الأكبر في حرب لا ناقة ولا جمل لهذا الشعب فيها، سوى الصراع على اليمن ذاته، بل هناك أطراف دخلت الحرب وتصورت أنها ستنتهي في شهور، والقول أنها ستمتد إلى 5 سنوات أمر لم يتصوره أحد من تلك الأطراف، ولكن هناك من أدرك الخطر مبكرا، ووضع حدًا لطبيعة المشاركة في تلك الحرب اللانهاية لها.

ولاشك أن القرار الإماراتي تم اتخاذه بذكاء وبشكل مدروس لوضع حد لحرب نجم عنها عشرات الآلاف من الضحايا، ووضعت شعبا كاملا في أتون مجاعة ووضع بائس، وأزمات اجتماعية وإنسانية لا نهاية لها، بل الأخطر أن سنوات الحرب وخطوطها تكاد وصلت إلى ممرات مغلقة، ولا يمكن لأحد التنبؤ بنهايتها.

حتما أن القرار الإماراتي جاء بتشاور مع المملكة العربية السعودية، ولم يأت بقرار منفرد دون تفاوض أو نقاش وترتيبات حول مستقبل العملية العسكرية والسياسية، لكن المؤكد أنه فتح المجال ليصبح الملف السياسي هو رقم واحد، والدليل أن الأيام الأخيرة شهدت ولأول مرة اجتماعات ومفاوضات في الحديدة بين الحوثيين والقوات اليمنية، وصحيح أن اللقاء لم يحقق سوى أشياء بسيطة، إلا أنه وضع خطًا جديدا للتفاوض بين الأطراف المتحاربة.

ويبقى التأكيد على أن تكون الخطوة الإماراتية بداية خط النهاية لصراع عسكري راح ضحيته  94 ألف قتيل، و85 ألف طفل راحوا ضحايا الدمار والضربات الجوية والعمليات العسكرية، بخلاف الآلاف من ضحايا الكوليرا، والإشتباه في مئات الآلاف الأخرين.
-----------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | أفسحوا المجال للإبداع والإبتكار عربيًا